Page 78 - web
P. 78

‫موضوع العدد‬                                           ‫كشفت المعلومات‬                                               ‫مقالات وآراء‬
                                                    ‫الأمنية بروز فئة واسعة‬
‫لكـن المعطـى المسـتجد اليـوم‪ ،‬هـو أن تنظيـم‬                                                             ‫ارتـكاب أعمـال إرهابيـة‪ ،‬كمـا أن عمليـات التتبـع‬
‫داعـش وحتـى القاعـدة تخليـا نهائ ًيـا عـن هـذه‬         ‫من المتطرفين الذين‬                               ‫والرقابـة الأمنيـة ليـس بمقدورهـا احتـواء كل‬
‫المراحـل التدريجيـة والمتعـددة المراتـب في مسـار‬           ‫ينشطون لحساب‬                                 ‫المتطرفين‪ ،‬لكونهـا لا تسـتطيع التكهـن وتوقـع‬
‫التجنيـد والاسـتقطاب‪ ،‬وصـارا يراهنـان على‬                                                               ‫كافة‪ ‬الأشـخاص الذيـن يمكنهـم التطـرف بشـكل‬
‫«المتطرفين الفجائيين والعرضيين»‪ ،‬وهـم في‬               ‫تنظيم «داعش» على‬                                 ‫مفاجـئ أو الذيـن يسـهل تجنيدهـم بسـرعة‬
‫الغالب من أصحاب السوابق في مجال السرقات‬                       ‫شبكة الإنترنت‬                             ‫باسـتعمال تقنيـات التواصـل الجديـدة والأنظمـة‬
‫بيـد مسـلحة والمدمنين على المخـدرات‪ ،‬والذيـن‬                                                            ‫المعلوماتيـة‪ .‬وخطـورة التطـرف السـريع تكمـن‬
‫لا يتوفـرون على مسـتوى تعليمـي أو تكويـن‬            ‫لحضـور الـدروس والخطـب التـي يلقيهـا الدعـاة‬        ‫في إمكانيـة تجنيـد أي شـخص وفي أي مـكان‬
‫شرعي‪ ،‬ممن يسهل شحنهم بالأفكار المتطرفة‪،‬‬             ‫والمشـايخ‪ ،‬للاطلاع على المرتكـزات النظريـة للفكـر‬   ‫مـن العالـم دونمـا حاجـة لاتصـال مباشـر بين‬
‫واسـتقطابهم بشـكل سـريع إمـا بالاتصـال المباشـر‬     ‫المتطـرف والاحتياطـات الأمنيـة الواجـب اتباعهـا‪،‬‬    ‫المسـتقطب (بكسـر الطـاء) والمسـتقطب (بفتـح‬
‫أو عبر الإنترنـت‪ ،‬ودفعهـم في النهايـة لارتـكاب‬      ‫ثـم المرحلـة الثالثـة التـي تسـمى «الإعـداد» الـذي‬  ‫الطـاء)‪ ،‬مثلمـا وقـع مـع الجنـدي الأمريكي (كـول‬
‫أعمـال إرهابيـة موسـومة بالخطـورة والفداحـة‪.‬‬        ‫يشـمل ك ًل مـن الإعـداد المـادي الـذي يتحقـق‬        ‫بريدجـز) الـذي أسـهمت المعلومـات الدقيقـة التـي‬
‫وكأمثلـة عمليـة على نـزوع الخلايـا الإرهابيـة نحـو‬  ‫بتوفري العـدة مـن رجـال وأسـلحة وأمـوال‬             ‫وفرتهـا المخابـرات الداخليـة المغربيـة في عمليـه‬
‫بروفايلات مـن مجرمـي الحـق العـام لارتـكاب‬          ‫وخطـط وبرامـج للتكويـن شـبه العسـكري‪ ،‬ثـم‬           ‫توقيفـه مـن طـرف مكتـب التحقيقـات الفيـدرالي‬
‫مشـاريع تخريبيـة‪ ،‬يمكـن الاسـتدلال في هـذا‬          ‫هنـاك الإعـداد النفسي الـذي يتحقـق بالتأهيـل‬
‫الصـدد بالخليـة الإرهابيـة التـي فككتهـا مصالـح‬     ‫الذهنـي لتقبـل الأفـكار «الجهاديـة»‪ .‬أمـا المرحلـة‬                  ‫الأمريكي في ‪ 19‬ينايـر ‪.2021‬‬
‫الأمـن المغربيـة في ‪ 19‬شـتنبر(أيلول) ‪ 2018‬بـكل‬      ‫الرابعـة والأخرية فهـي مرحلـة «الجهـاد»‪ ،‬أي‬         ‫فالملاحـظ أن تنظيـم داعـش الإرهابـي اسـتطاع‬
‫مـن طنجـة والـدار البيضـاء‪ ،‬والتـي كانـت تتألـف‬     ‫مرحلة الجاهزية للقيام بتنفيذ المخطط الإرهابي‬        ‫اسـتقطاب وتجنيـد الجنـدي الأمريكي الشـاب‬
‫مـن ‪ 20‬شـخ ًصا مـن بينهـم عشـرة معتقلين‬                                                                 ‫بواسـطة وسـائل الأنظمـة المعلوماتيـة‪ ،‬وفي‬
‫سـابقين في قضايـا الإرهـاب والتطـرف وأشـخاص‬           ‫الـذي يطلقـون عليـه «الاقتحـام أو الغـزوة»‪.‬‬       ‫ظـرف وجيـز وقيـاسي تـم إعـداده لتنفيـذ عمليـة‬
‫آخـرون مـن ذوي السـوابق القضائيـة في جرائـم‬                                                             ‫إرهابيـة كانـت ستسـتهدف النصـب التـذكاري‬
‫الحـق العـام وتحديـ ًدا الاتجـار غري المشـروع في‬                                                        ‫لأحداث ‪ 11‬سبتمبر بنيويورك‪ ،‬فض ًل عن تقديم‬
                                                                                                        ‫دعـم مـادي لتنظيـم داعـش لاسـتهداف أمـن‬
                                 ‫المخـدرات‪.‬‬                                                             ‫وسلامة عسـكريين أمريكيين في منطقـة الشـرق‬
‫وقـد أكـدت الأبحـاث والتحريـات التـي باشـرها‬                                                            ‫الأوسـط‪ .‬فالتطـرف السـريع الـذي توفـره البيئـة‬
                                                                                                        ‫المعلوماتيـة يختلـف بشـكل جـذري‪ ،‬ويفـوق مـن‬
                                                                                                        ‫حيـث المخاطـر والتهديـد‪ ،‬أسـلوب الاسـتقطاب‬
                                                                                                        ‫الكلاسـيكي الـذي كانـت تنهجـه التنظيمـات‬
                                                                                                        ‫الإرهابيـة المرتبطـة بالقاعـدة وكـذا الجماعـات‬
                                                                                                        ‫التكفيريـة‪ .‬فتجنيـد الأتبـاع غال ًبـا مـا كان يتـم‬
                                                                                                        ‫بشـكل مباشـر وعبر مراحـل متدرجـة‪ ،‬وهـو الأمـر‬
                                                                                                        ‫الذي كان يساعد على تصنيف هؤلاء المتطرفين‪،‬‬
                                                                                                        ‫ويمكـن مـن متابعتهـم بشـكل دقيـق‪ ،‬واسـتباق‬
                                                                                                        ‫انتقالهـم إلى مرحلـة التنفيـذ المـادي للعمليـات‬
                                                                                                        ‫والمخططـات التكفيريـة‪ .‬فعمليـة الاسـتقطاب‬
                                                                                                        ‫كانـت تتـم عمو ًمـا عبر أربـع مراحـل متلازمـة‪،‬‬
                                                                                                        ‫الأولى تسـمى مرحلـة «التصفيـة»‪ ،‬وتتمثـل في‬
                                                                                                        ‫انتقـاء التابـع الـذي تظهـر عليـه علامـات التطـرف‪،‬‬
                                                                                                        ‫ثم «مرحلة التربية»‪ ،‬التي يتم فيها دعوة التابع‬

                                                                                                        ‫‪78‬‬
   73   74   75   76   77   78   79   80   81   82   83